شريف سمير
أجمل حلم كان يراود أى فتى أو فتاة هو لقب "الدكتور" .. بسماعته وحقيبته السحرية التي تحمل بداخلها أدوات الشفاء وروشتة الدواء .. وظلت ال 7 سنوات طب مشوار الآلاف من طلبة القسم العلمي بالثانوية العامة تحت لمبة الجاز في البيوت أو عمود النور في الشوارع للحصول على المجموع الكبير ومفتاح بوابة الحلم!.
فماذا يكون الحلم الوردي البراق عندما يستيقظ الطالب المتفوق على أرقام صادمة للمشاعر ومخيبة للآمال؟! .. إحصائيات ينشرها أطباء مشاهير عن نتائج طلبة كليات طب في مختلف المحافظات ما بين مئات حالات رسوب، وتقديرات لاتتجاوز المقبول والانتقال إلى العام المقبل بمادة أو مادتين مع الرأفة .. وأحيانا تصل نسبة النجاح إلى 20 % على الأكثر .. ونجد طب أسيوط تتصدر المشهد بانفراد تاريخي ووصول عدد الراسبين في سنة أولى إلي ٦٠% من طلابها بما يعني ٧٢٠ طالبا من أصل ١٢٠٠ .. وتقترن جملة ساخرة "ربنا يجعله عامر" على صفحات السوشيال ميديا بهذه الأرقام القاسية على طلابنا ومن قبلهم أولياء الأمور الذين جرى استنزاف أعصابهم وجيوبهم ودموعهم في سبيل "سراب" كليات القمة!.
من المؤكد أن العيب ليس في "البالطو الأبيض" وقيمته الإنسانية ورسالته النبيلة غير القابلة للدنس أو التلوث .. وإنما في الممارسات الخاطئة والعقيمة عند تدريس أعظم مهنة في التاريخ .. وفي أسلوب تأهيل الأطباء الجدد منذ لحظة إمساك المشرط وحتى سنة الامتياز والانخراط في غرفة العمليات وحجرة الكشف بالعيادات الخارجية والخاصة!.
كمواطن عادي .. لن أفقد الثقة في قرار الذهاب إلى المستشفى أو الوحدة الصحية والتوجه إلى أقرب طبيب لتلقي العلاج أو الاستشارة السريعة .. فالخطأ والعلة ليست في الجنود الأبرار بقدر ماهي في مناخ التعليم الجامعي أولا الذي يجب أن يكافئ النابغة ويطور عقله ويغذي تفوقه، وبيئة العمل عقب التخرج وسنوات التمرين والخدمة الحكومية ثانيا، بتحسين الدخول ورفع مستوى كادر الأطباء بما يوفر لهم الحياة الكريمة وأداء الواجب المقدس بكرامة وشرف .. ومظاهر الفشل والقصور في هاتين الجبهتين هي الأولى بسرعة التغيير والإنقاذ .. فلنسرع جميعا في القضاء على ثقوب "البالطو الثمين" من الإهمال والتراخي .. والرسوب المتكرر!.